بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي موسي وهارون عليهما السلام في فترة التيه التي عاقبهم الله بها لرفضهم دخول فلسطين كما ذكرنا مات موسي وهو يمني نفسه أن يدخلها وهو ينظر إليها آخر مرة فما الذي حدث خلال تلك الفترة بعد وفاة هارون وموسي عليهما السلام ؟
تولي أمر بني إسرائيل من بعد موسي عليه السلام فتي يسمي - كما جاء بالتوراة - يوشع بن نون وكان أحد أتباع موسي المخلصين ويذهب بعض الباحثين في انه هو فتي موسي المذكور في قول الله تعالي :
(( وإذ قال موسي لفتاه لا أبرح حتي أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً))
وقد كان يوشع بن نون بطبيعته عسكرياً ماهراً بعكس موسي عليه السلام وقد تمكن يوشع بن نون بما فطر عليه من روح الجندية أن يعبيء بني إسرائيل تعبئة ممتازة ويرفع من روحهم المعنوية ويكون منهم جيشاً قوياً اتجه به نحو الشمال الشرقي وعسكر بجيشه علي الشاطيء الشرقي لهذا النهر استعداداً لعبوره ودخول الأرض المقدسة (أرض فلسطين) وأرسل بعيونه وجواسيسه لاستطلاع أخبار الكنعانيين الذين كانوا يقيمون في هذه الأرض وكان ممن أرسلهم جاسوسان بعث بهما إلي مدينة أريحا الفلسطينية فشعر بهما أهل المدينة وأخذوا في مطاردتهما فاختبأ في بيت امرأة عاهرة فحمتهما هذه المرأة وعن طريقها تمكن هذان الجاسوسان من معرفة أسرار المدينة وإرسالها إلي يوشع بن نون المعسكر بجيشه علي الشاطيء الشرقي لنهر الأردن ثم هجمت قوات بني إسرائيل علي مدينة أريحا وارتكب المهاجمون من الفظائع ما تقشعر لهوله الأبدان فقد قتلوا كل حي في المدينة من إنسان وحيوان وأحرقوا المدينة عن آخرها ولم ينج من هذه المذبحة البربرية سوي المرأة العاهرة وأسرتها وعلي هذه الصورة الدموية البشعة بدأ تاريخ بني إسرائيل في أرض فلسطين
(( راجع سفر يشوع - الإصحاح الأول 10 -18 , الإصحاح الثاني كله إلي آخر الإصحاح السادس ))
ينقسم تاريخ بني إسرائيل في أرض فلسطين إلي ثلاثة عصور وهي :
1- عصر القضاة
2- عصر الملوك
3- عصر الانقسام وسقوط دولتهم
وسوف نقوم بدراسة هذه العصور والأزمنة معاً وسوف نقوم بالتفصيل بشرحها الآن !
أولاً عصر القضاة :
استمر هذا العصر قرناً واحداً من الزمان وإن كان سفر القضاة في العهد القديم يذهب إلي أن هذا العصر قد استمر أربعة قرون .
ولكن التحقيق التاريخي يثبت أن هذا العصر لم يستمر أكثر من قرن واحد وقد سمي هذا العصر بهذا الإسم لأن القاضي كان يمثل أعلي سلطة لدي بني إسرائيل آنذاك وكان بني إسرائيل مقسمين إلي اثني عشر قبيلة بعدد الأسباط الاثني عشر ولكل قبيلة رئيس يرعى شئونها وكانت كل قبيلة مستقلة تماماً عن الأخرى في جميع شئونها فلم تكن هناك حكومة مركزية يخضع لها الجميع ومعني هذا أنه لم يكن هناك لبني إسرائيل دولة في هذا العصر . بل كان كل رئيس قبيلة يستقل بإدارة شئونها يساعده مجلس من الشيوخ وكان هناك مجلس عام يضم جميع رؤساء القبائل يجتمع إذا حدث نزاع بين قبيلة وأخري ويحاول هذا المجلس أن يفصل في هذا النزاع فإذا عجز عن ذلك رفع الأمر إلي القاضي ليحكم فيها وكان القاضي يختار من بين الكهنة ولا يشترط بأن يكون رجلاً بل قد يكون القاضي امرأة ولم يكن حكم القاضي واجب التنفيذ إذ لم يكن هناك سلطة تنفيذية .
وفي هذا العصر بدأ بني إسرائيل في الانتقال التدريجي من حياة البداوة إلي حياة الحضارة متأثرين بجيرانهم من الكنعانيين ويقص سفر القضاة تاريخ هذا العصر بما فيه من مصائب حاقت ببني إسرائيل بسبب مخالفتهم للوصايا والتعاليم التي جاء بها موسي عليه السلام وخاصة بسبب ابتعادهم عن عقيدة التوحيد .
ثانياً عصر الملوك :
استمر عصر القضاة كما ذكرنا سابقاً قرناً علي عكس التوراة التي ذكرت أن هذا العصر استمر أربعة قرون ولكن ........
الفساد أخذ طريقه إلي القضاة فأخذوا يجورون في الأحكام ويأخذون الرشوة وذهب شيوخ بني إسرائيل إلي نبي لهم يسميه العهد القديم باسم صموئيل وطلبوا منه ان يعين لهم ملكاً يوحد صفوفهم ويجمع شملهم .
وإليكم هذا النص التوراتي من سفر صموئيل – الإصحاح الثامن :
"" وكان لما شاخ صموئيل أنه جعل بنيه قضاة لإسرائيل وكان اسم ابنه البكر (يوئيل) واسم ثانيه (أبيا) كان قاضيين في (بئر سبع) ولم يسلك ابناه في طريقه بل مالا وراء المكسب وأخذا الرشوة وعوجا القضاء فاجتمع كل شيوخ إسرائيل وجاءوا إلي صموئيل وقالوا له هو ذا أنت قد شخت وابناك لم يسيرا في طريقك فالآن اجعل لنا ملكاً يقضي لنا كسائر الشعوب فساء الأمر في عيني صموئيل إذ قالوا أعطنا ملكاً يقضي لنا وصلي صموئيل إلي الرب فقال الرب لصموئيل : اسمع لصوت شعبك في كل ما يقول لك لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياي رفضوا حتي لا أملك عليهم حسب كل أعمالهم التي عملوا من يوم أصعدتهم من مصر إلي هذا اليوم وتركوني وعبدوا آلهة أخري هكذا هم عاملون بك يوماً فالآن اسمع لصوتهم ولكن أشهدن عليهم وأخبرهم بقضاء الملك الذي يقضي عليهم .
فكلم صموئيل الشعب الذين طلبوا منه ملكاً بجميع كلام الرب وقال هكذا يكون قضاء الملك الذي يملك عليكم يأخذ بنيكم ويجعلهم لنفسه لمراكبه وفرسانه فيركضون أمام مراكبه ويجعل لنفسه رؤساء ألوف ورؤساء خماسين فيحرثون حراثته ويحصدون حصاده ويعملون عدة حربه وأدوات مراكبه ويأخذ بناتكم عطارات وطباخات وخبازات ويأخذ حقولكم وكرومكم وزيتونكم أجودها ويعطيها لعبيده ويعشر زروعكم وكرومكم ويأخذ عبيدكم وجواريكم وشبانكم الحسان وحميركم ...فتصرخون في هذا اليوم من وجه ملككم الذي اخترتموه لأنفسكم فلا يستجيب لكم الرب في ذلك اليوم فأبي الشعب أن يسمعوا لصوت صموئيل وقالوا لا بل يكون علينا ملك فنكون نحن أيضاً مثل سائر الشعوب ويقضي لنا ملكنا ويخرج أمامنا ويحارب حروبنا ........ الإصحاح الثامن ""
ولكن القرآن يحدثنا في سطور قليلة عن هذه القصة فيقول الله تعالي بسورة البقرة : (( ألم تر إلي الملأ من بني إسرائيل من بعد موسي إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله ......))
ويولي عليهم (طالوت) ملكاً عليهم كما جاء بالقرآن الكريم ويقود بني إسرائيل في المعركة ضد الكنعانيين ويقتل داود عليه السلام الذي كان جندياً آنذاك ملك الكنعانيين ويتولي الملك بعد ذلك 0
السبت يناير 10, 2009 5:46 pm
